الأربعاء، 16 أكتوبر 2013



 أول موشح أندلس في التاريخ
أَيُّها الساقي إِلَيكَ المُشتَكى
               قَد دَعَوناكَ وَإِن لَم تَسمَع
وَنَديمٌ هِمتُ في غُرّتِه
وَشَرِبت الراحَ مِن راحَتِه
كُلَّما اِستَيقَظَ مِن سَكرَتِه
         جَذَبَ الزِقَّ إِلَيهِ وَاِتَّكا               وَسَقاني أَربَعاً في أَربَع
غُصنَ بانٍ مالَ مِن حَيثُ اِستَوى
باتَ مَن يَهواهُ مِن فَرطِ النَوى
خافِقُ الأَحشاءِ موهونُ القُوى
كُلَّما فَكَّرَ في البَينِ بَكى            ما لَهُ يَبكي لِما لَم يَقَع
ما لِعَيني عَشيت بِالنَظَرِ
أَنكَرَت بَعدَكَ ضوءَ القَمَرِ
عَشِيَت عَينايَ مِن طولِ البُكا           وَبَكى بَعضي عَلى بَعضي مَعي
لَيسَ لي صَبرٌ وَلا لي جَلَد
يا لَقَومي عَذَلوا وَاِجتَهَدوا
أَنكَروا شَكوايَ مِمّا أَجِدُ
مِثلُ حالي حَقُّها أَن تَشتَكي                         كَمَد اليَأس وَذُلَّ الطَمَعِ
كَبدٌ حَرّى وَدَمعٌ يَكِفُ
يَعرِفُ الذَنبَ وَلا يَعتَرِفُ
أَيُّها المُعرِضُ عَمّا أَصِفُ
قَد نَما حُبُّكَ عِندي وَزَكا                          لا تَقُل إِنّي في حُبِّكَ مُدّع



الموشح هو قصيدة شعرية ولكنها لا تخضع لوحدة البيت ولا تخضع كذلك لوحدة القافية، ولكنها مقسمة إلى أقسام أو مقاطع، بعضها يسمى "أقفالا" وبعضها يسمى "أبياتا" هذا النظام الذي يسير عليه الموشح، يقتضي أن تكون الموشحة قائمة على مجموعة من الأقفال ومجموعة من الأبيات. الأقفال متشابهة في الوزن ومتشابهة في القافية. أما الأبيات فمتشابهة في الوزن فيما بينها ومختلفة من حيث القافية، ثم إن هذا الموشح، يعنى فيه بالمقطع الأخير الذي يسمى الخرجة. وحين ننظر في الموشحات الأندلسية، نجد هذه الخرجة إما باللغة المحلية الرومانية وإما باللغة العربية العامية، ومعنى هذا أن الأصل في الموشح هو الأغنية الشعبية المحلية التي كانت بالقشتالية أو بالرومية أو ما إلى ذلك. واستدعى الشعراء مقطعا من هذه الأغنية وبنوا عليه الموشحة.


نشأة الموسيقى في الأندلس

يمكن القول أن هذه الموسيقى انطلقت من أنماط الموسيقى التي كانت موجودة في شبه الجزيرة الأَيْبِيرِيّة(أسبانيا-البرتغال) ،أو كما يقول المؤرخون: من الموسيقى النصرانية، أي قبل أن يحل المسلمون ببلاد الأندلس. ثم بعد ذلك، أتيح لهذه الموسيقى المحلية، أن تتأثر بالأشكال الموسيقية والغنائية التي كانت تفد من بلاد المشرق، ومعروف أن المشرق يومئذ، كانت تزدهر فيه حركة الغناء وحركة الموسيقى، سواء في الحجاز أو في بغداد ودمشق كذلك. و سيفد عدد من رجال الفن ومن نساء الفن على الأندلس  من هنا وهناك، وسيحدث نوع من التداخل ونوع من التطعيم وتبادل التأثر والتأثير بين هذه الموسيقى المحلية، التي سميت عند المؤرخين موسيقى نصرانية. وهذه الأشكال والأنماط التي جاءت وافدة من بلاد المشرق،وهذا التأثير المشرقي في الموسيقى المحلية سوف يتبلور شيئا فشيئا عبر ظواهر مختلفة.